الحب له أكثر من مفهوم وقد يكون له تعريفات عديدة، وعلى المستوى الشخصي نجد أن هناك اختلاف في هذا الأمر بين الأفراد، فالناس تختلف آراؤهم حول الحب، فمنهم من يراه ضرورياً ومنهم من يراه شيئاً ثانوياً، ومنهم من قد يضحي بكل شيء إذا أحب شخصاً، ومنهم من لا يبالي إذا انتهت العلاقة، وفي هذا المقال سنحاول فهم الحب من منظور فلسفي وما رأي الفلاسفة فيه.
الحب عند الفلاسفة
يمكن القول أن الحب من الحاجات الضرورية للإنسان في هذه الحياة، فمنذ الصغر نتربى على الحب الذي نتلقاه من عائلتنا، من أمنا وأبينا، وكذلك الحب من الأقارب ومن معلمينا في المدرسة، وبعد ذلك تتكون العلاقات والحب مع الأصدقاء أو مع الجنس الآخر، فالحب جزء لا يتجزأ من حياتنا.
أود أن أخبرك عزيزي القارئ أولاً أن الفلسفة لم تتفق على شيء مطلقاً، فهي مجال واسع للتفكير والتأمل ومحاولة فهم الأشياء بطريقة مختلفة عن الصورة النمطية السائدة. لذلك سنعرض آراء الفلاسفة حول الحب، ويمكن أن يتسع المجال لإضافة فلسفتنا الخاصة في التعبير أيضًا. إذا لم يكن هناك تعريف متفق عليه للحب في الفلسفة، فهو شيء لا يمكن إدراكه بالعقل، بل هو شعور وإحساس عاطفي قد يصعب تفسيره منطقيًا،
في الفلسفة اليونانية، اعتقدوا أن الحب هو أحد الأسس المهمة للفلسفة، وكان لديهم العديد من النظريات التي أعطت الحب قيمة روحية وأخلاقية أكثر من كونه حبًا ماديًا. أشار الفلاسفة اليونانيون إلى أن الحب هو سمة وراثية في الكائن الحي تظهر في سلوكه منذ الصغر. أما أفلاطون فكان له رأي آخر، حيث اعتبر الحب مجموعة من المشاعر والعواطف التي يغلب عليها الطابع الحيواني. وأشار إلى أن الحب يشكل استقرارًا ويقود الفرد إلى الحرية في رحلة البحث عن نصفه الآخر.
أرسطو والحب
يشير أرسطو في تعبيره عن الحب إلى أنه يمثل اندماج جسدين بروح واحدة، مما يعني اختفاء كل الحواجز المادية والاختلافات الملموسة والوصول إلى مرحلة عالية من السمو. يرى أرسطو أن الحب طاقة لا نهاية لها وخلافا لأي حب ينتهي فإنه لم يكن حبا حقيقيا على الإطلاق. كما يعتبر أن الحب من الأساطير التي يعجز البشر عن إدراك جوهرها ولا يخضع للتفسير والفهم، أي أنه يتجاوز ما يمكن إدراكه.
فريدريك نيتشه: بالنسبة لنيتشه فإن الحب يجب أن يقوي الشخصية ويجعل الفرد أكثر صلابة، لأنه في بعض الأحيان قد يكون مدمرا وله تداعيات سلبية على الأفراد، أي أنه يرى أنه من الخطأ أن يكون الحب سببا لضعف الشخصية.
جان بول سارتر: الاستقلال والتفاهم هما الجوهران اللذان يراه نيتشه في الحب، إذ يجب أن يبنى على قبول الطرفين لبعضهما البعض مع الحفاظ على شخصيتهما دون تغيير.